![]() |
هل يتذكر حافظ القرآن يوم القيامة ما نسيه من الآيات
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين يقول الله عز وجل : ( يوم يتذكر الإنسان ما سعى ) أعلم أن الإنسان سيتذكر يوم القيامة كل شيء كان يفعله في الدنيا بأمر الله عز وجل ، ولكن ماذا عن الحافظ أو الحافظة للقرآن الكريم لو ماتا بدون مراجعة للقرآن ، وكان ناسيا لبعض الآيات أو الكلمات . وفي الحديث الذي رواه عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقال لقارئ القرآن يوم القيامة : اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها ) .سؤالي هو : هل من الممكن أن يتذكر الحافظ للقرآن ما كان يحفظه في الدنيا من القرآن حتى لو مات بدون أن يراجعه أو كان ناسيا لبعضه ؟السؤال الثاني : الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهُ ) هل لكم أن توضحوا لي ؟ وجزاكم الله خيرا . الجواب الحمد لله. أولا : الآية الكريمة : ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى . يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ) النازعات/34-35، تتحدث عن تذكر الإنسان ما سعى ، أي ما قدم وعمل في الدنيا من خير أو شر ، وما اكتسبه من الحسنات أو السيئات ، فإن هول موقف الحساب وعظمته يبعث في كل عامل ذكرى ما عمل ، فيمر في خاطره شريط أعماله سريعا ، فيرجو أن يثيبه الله على الحسنات ، ويتجاوز عن السيئات والزلات ، فالآية تبين تذكر الإنسان عمله وما اكتسبه في الدنيا ، ولا علاقة لها بتذكر الإنسان ما نسيه من القرآن الكريم ، فذلك خارج السياق الواضح ، ومراعاة السياق أحد أركان التفسير الصحيح . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " ( يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ) أي : حينئذ يتذكر ابن آدم جميع عمله خيره وشره ، كما قال سبحانه : ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ) الفجر/23 " انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (8/317) ويقول العلامة السعدي رحمه الله : " ( يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى ) في الدنيا من خير وشر ، فيتمنى زيادة مثقال ذرة في حسناته ، ويغمه ويحزن لزيادة مثقال ذرة في سيئاته ، ويعلم إذ ذاك أن مادة ربحه وخسرانه ما سعاه في الدنيا ، وينقطع كل سبب ووصلة كانت في الدنيا سوى الأعمال " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/910)وبهذا يتبين أنه لم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على تذكر المسلم ما نسيه من القرآن الكريم يوم القيامة ، وقد بحثنا في كتب التفسير التي تعتني بذكر الأقوال المختلفة في تفسير الآيات ، كتفسير الماوردي وابن الجوزي فلم نجد في الآية قولا آخر مخالفا لما ذكرناه . ثانيا : من الأحاديث العظيمة الواردة في فضل صاحب القرآن حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يُقَالُ - يَعْنِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ -: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا ) رواه الترمذي ( 2914 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " وقد قال أكثر العلماء إن المقصود بـ ( صاحب القرآن ) من تحقق فيه أمران : الحفظ ، والعمل ، وليس مجرد الحفظ بدون عمل ، ولا من يتقن التلاوة بغير حفظ . ثالثا : أما الدليل على اشتراط الحفظ لتحصيل الفضيلة الواردة في الحديث فأمران مهمان : 1. لو كانت الفضيلة تلحق من يقرأ القرآن من المصحف لما تفاضل في ذلك أكثر الناس ، فإن القراءة من المصحف يقدر عليها كل أحد ، ولا يتفاضل فيها الناس – في الغالب – إلا بحسن التجويد ، وتعليق مثل هذه الفضيلة بحسن التجويد بعيد ؛ لأن الحديث علق الفضل ( بالقراءة )، والمنزلة ترتفع بحسب ( آخر آية كنت تقرؤها )، وليس بحسب إتقان التجويد . 2. أن إطلاق (القارئ) على الحافظ كان معروفا مشهورا بحسب الاستعمال في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ( وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا ) ، كما ثبت في صحيح البخاري (4276) . 3. ثم إن حفظ القرآن الكريم فيه من المعاناة والمثابرة والتميز ما يتجه تعليق الفضل به دون القراءة المجردة ، خاصة وأن هذا الحفظ فرض كفاية على الأمة ، فجدير أن يثاب حفاظ القرآن - الذين تحملوا عن أمتهم هذا الفرض – ذلك الثواب الجزيل . ثم إن ظاهر الحديث أيضا يدل على أن الحافظ المتقن ليس كالحافظ غير المتقن ، فارتفاع الدرجات حيث تبلغ القراءة عن ظهر قلب ، وقراءة الحافظ المتقن ستزيد على قراءة الحافظ غير المتقن آيات وآيات ، وما إتقانه إلا دليل على سهره بالليل ، وتعبه بالنهار ، وصبره في معاناة الحفظ ، وترديد الآيات والكلمات ، والميزان العدل يقضي أن يكون ثواب المتقن أعلى من ثواب غير المتقن ، وكلا وعد الله الحسنى . يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " الخبر المذكور خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب ، لا بمن يقرأ في المصحف ؛ لأن : مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها ، ولا يتفاوتون قلة وكثرة ، وإنما الذي يتفاوتون فيه كذلك هو الحفظ عن ظهر قلب ، فلهذا تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت حفظهم . ومما يؤيد ذلك أيضا أن حفظ القرآن عن ظهر قلب فرض كفاية على الأمة ، ومجرد القراءة في المصحف من غير حفظ لا يسقط بها الطلب ، فليس لها كبير فضل كفضل الحفظ ، فتعين أنه - أعني الحفظ عن ظهر قلب - هو المراد في الخبر ، وهذا ظاهر من لفظ الخبر بأدنى تأمل . وقول الملائكة له : ( اقرأ وارق ) صريح في حفظه عن ظهر قلب كما لا يخفى " انتهى باختصار من " الفتاوى الحديثية " لابن حجر الهيتمي (ص/113) ويقول العظيم أبادي رحمه الله : " يؤخذ منه أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له " انتهى باختصار من " عون المعبود " (4/237) ويقول الشيخ الألباني رحمه الله : " اعلم أن المراد بقوله : ( صاحب القرآن ) حافظه عن ظهر قلب ، على حد قوله صلى الله عليه وسلم : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.. )، أي : أحفظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن ، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى ، وليس للدنيا والدرهم والدينار ، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) " انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (5/284) رابعا : أما دليل اشتراط العمل بالقرآن لتحصيل هذا الثواب الجزيل فظاهر أيضا ، فقد ورد الوعيد الشديد على من ترك العمل بالقرآن الكريم ، وذلك في حديث سمرة بن جندب الطويل ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّؤْيَا ، قَالَ : ( أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ ) رواه البخاري (1143) يقول ابن بطال : " ( يأخذ القرآن فيرفضه ) يعني : يترك حفظ حروفه والعمل بمعانيه ، فأما إذا ترك حفظ حروفه وعمل بمعانيه فليس برافض له " انتهى من " شرح صحيح البخاري " (3/135) |
رد: هل يتذكر حافظ القرآن يوم القيامة ما نسيه من الآيات
الله ينور عليك
|
رد: هل يتذكر حافظ القرآن يوم القيامة ما نسيه من الآيات
بـــــــــارك الله فيــــــك
جـــزاك الله الجنه واثابـــــــــك الله الفردوس الاعلــــــــــــــى |
رد: هل يتذكر حافظ القرآن يوم القيامة ما نسيه من الآيات
بارك الله فـيـكـم ولكم
|
الساعة الآن 09:21 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.
منتديات عمالقه السات