عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2021/09/10, 09:45 AM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
محمود الاسكندرانى محمود الاسكندرانى متواجد حالياً
مراقب الأقـسـام الإسـلامـيـة
رابطة مشجعى نادى الاهلـــــى
الاهلـــــى    
تاريخ التسجيل: 2021 Jun
المشاركات : 1,014
amalqtsat الزواج في الإسلام




الزَّوَاجُ أَمْرٌ شَرَعَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- لِمَصْلَحَةِ عِبَادِهِ، وَجَعَلَهُ سُنَّةً مَاضِيَةً فِيهِمْ: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)[الْفُرْقَانِ: 54]، وَقَدْ حَثَّ وَحَضَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَبَرَّأَ مِمَّنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ لِغَيْرِ عُذْرٍ قَائِلًا: "النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)، وَتَرَى النَّفْسَ السَّوِيَّةَ تَهْفُو إِلَيْهِ وَتَتَمَنَّاهُ، فَالنِّكَاحُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا وَفِطْرَةً.

إِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الزَّوَاجِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، فَإِنَّ حُكْمَ الزَّوَاجِ فِي الْإِسْلَامِ يَخْتَلِفُ تَبَعًا لِاخْتِلَافِ حَالِ كُلِّ فَرْدٍ؛ حَيْثُ تَدُورُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْخَمْسَةُ؛ الْوُجُوبُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ... وَفِيمَا يَلِي نَعْرِضُ لِتِلْكَ الْحَالَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي تَعْتَرِي الزَّوَاجَ، مُعْرِضِينَ عَنْ كَثْرَةِ الْخِلَافِ، مُبَيِّنِينَ مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ أَوِ الْأَكْثَرُونَ.

إِنَّ الزَّوَاجَ يَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَخَشِيَ الْوُقُوعَ فِي الْعَنَتِ وَالْفَاحِشَةِ؛ لِأَنَّ إِعْفَافَ النَّفْسِ وَصِيَانَتَهَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ وَاجِبٌ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالزَّوَاجِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ -تَعَالَى-: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)[النُّورِ: 32]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "هَذَا أَمْرٌ بِالتَّزْوِيجِ، وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِهِ، عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَنُقِلَ عَنِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "الْمُسْتَطِيعُ الَّذِي يَخَافُ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ مِنَ الْعُزُوبَةِ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّزْوِيجِ، لَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ التَّزْوِيجِ عَلَيْهِ".

وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبَ -كَمَا يُقَرِّرُ الْأُصُولِيُّونَ-، فَقَدْ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَامِرُ مُبَاشِرَةٌ بِالزَّوَاجِ غَيْرَ مَا مَرَّ، فَهَذَانِ أَمْرَانِ نَبَوِيَّانِ مُبَاشِرَانِ فِي قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَتَزَوَّجُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)، فَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ "تَزَوَّجُوا"، وَالثَّانِي "فَلْيَنْكِحْ" مُؤَكَّدًا بِلَامِ الْأَمْرِ.

كَمَا وَرَدَ الْوَعِيدُ النَّبَوِيُّ عَلَى تَرْكِ التَّزَوُّجِ، بَلْ وَالتَّبَرُّؤِ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَسَالِيبِ وُجُوبِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ حِينَ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-... فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وَأَيْضًا فَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ صَارِمًا قَاطِعًا عَنْ ضِدِّ الزَّوَاجِ؛ وَهُوَ التَّبَتُّلُ وَالِاخْتِصَاءُ، وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ وُجُوبِ الزَّوَاجِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَائِلًا: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَسْتَخْصِي؟ "فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ الَّذِي كَانَ مِنْ تَرْكِ النِّسَاءِ، بَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا عُثْمَانُ، إِنِّي لَمْ أُومَرْ بِالرَّهْبَانِيَّةِ، أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي؟"، قَالَ: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "إِنَّ مِنْ سُنَّتِي أَنْ أُصَلِّيَ، وَأَنَامَ، وَأَصُومَ، وَأَطْعَمَ، وَأَنْكِحَ، وَأُطَلِّقَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي"(رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ)، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مُخْتَصَرًا يَقُولُ سَعْدٌ: "رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

هَذَا... وَيَكُونُ الزَّوَاجُ مُسْتَحَبًّا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الْفَاحِشَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ بِالزَّوَاجِ؛ أَنَّهُ لِلنَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، لَكِنْ مَعَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا يَصِيرُ النِّكَاحُ وَاجِبًا مُحَتَّمًا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ.

اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.


   

التوقيع

0003.gif?fit=516%2C82&ssl=1

مشاهدة جميع مواضيع محمود الاسكندرانى

رد مع اقتباس