العوام بن عقبة بن كعب بن زهير بن أبي سلمى :
وخُــبِّرتُ سوداءَ الغَميم مريضةٌ ** فأقبلتُ من مصر إليها أعودها
فوالله مـا أدري إذا أنا جئتُها ** أأُبْرئُها من دائها أم أزيدُها
ألا ليت شعري هل تغيَّرَ بعدنا ** ملاحةُ عيني أمّ يحي وجيدُها
وهل أخلقت أثوابُها بعدَ جِدَّةٍ ** ألا حبَّذا أخلاقُها وجديدُها
ولم يبقَ يا سوداءُ شيئٌ أحبّه ** وإن بقيتْ أعلامُ أرضٍ وبيدُها
لقد كنت جَلْدًا قبلَ أن يُوقدَ النَّوى ** على كبدي نارًا بطيئًا خُمُودها
ولو تكرت نارُ الهوى لتضرَّمت ** ولكن شوقا كلّ يوم يزيدُها
وقد كنت أرجو أن تموتَ صبابتي ** إذا قَدُمت آياتُها وعُهودُها
وكنت إذا ما جئتُ ليلى أزورُها ** أرى الأرضَ تُطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ودَّ جليسُها ** إذا مـا قَضَتْ أُحْدُوثَة لو تُعيدها
نظرتُ إليها نظرةً مـا يسرُّني ** بـها حُمرُ أنعام البلاد وسودُها
إذا جئتُها وسْط النِّساءِ منحتُها ** صُدودًا، كأنَّ القلبَ ليس يُريدُها
ولي نظرةٌ بعد الصدود من الجوى ** كنظرة ثكلى قد أُصيبَ وحيدُها
رفعتُ عن الدُّنيا المُنى غيرَ وجهها ** فلا أسألُ الدُّنيا ولا أستزيدُها
ولو أنَّ مـا أبقيتِ منِّي مُعلَّقٌ ** بعود ثمامٍ مــا تأودَ عودُها.