عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2021/06/17, 10:50 AM
الصورة الرمزية ابوجنه
ابوجنه ابوجنه غير متواجد حالياً
كبار الشخصيات و صديق عمالقة السات
رابطة مشجعى نادى الاهلـــــى
الاهلـــــى    
تاريخ التسجيل: 2021 Jun
المشاركات : 245
الدولة : مصر
القرآن ماء الحياة الحقيقية




فبهذا القرآن إذن وحده تتم الحياة، ولا سبيل إلى الحياة الثانية بالمعنى الصحيح إلا بماء الحياة. والماء الذي يتم به الإحياء هو هذا القرآن الكريم النازل من عند الله عز وجل، ولا سبيل إلى إحياء الإنسان الفرد ولا الإنسان الأمة بغير هذا الماء.
إن الله تعالى جعل الماء سبباً للحياتَين: الحياة العادية المادية ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾(الأنبياء:30)، والحياة الروحية هي أيضاً من الماء الذي عبَّر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بالغيث بصريح العبارة: “مَثَل ما بعثني به اللهُ من الهدى والعلم كمَثَل غيثٍ أصاب أرضاً فكانت منها طائفةٌ طيِّبةٌ…” (رواه البخاري). فهذا الماء هو غيث الأرواح فعلاً، كما يفعل الماء في الأرض فتنتشر الرحمة ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾(الروم:50). وإذا نزل غيثُ القرآن في القلوب وامتزج بها وُلدت ولادة جديدة، وولد الإنسانُ الولادة الجديدة ليحيا الحياة الطيبة التي تسمى في منطق القرآن “الحياة الحقيقية”.
وجميع أجزاء القرآن هي مُحْيِيات قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾(البقرة:179). هذا حُكْم من الأحكام فيه عنصر من عناصر الحياة. أما قوله تعالى: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾(الأنفال:24). فدعوة للحياة بصفة عامة. فكل ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنةٍ هو مما يحيي هذا الإنسان، ومما تجب الاستجابةُ إليه لنحصُل على الحياة.
إذا كان الماء يُحدِث الحياة في النباتات التي نراها في الأرض، فهو سبب الحياة أيضاً في الحيوانات والإنسان من جانبه المادّي، لكنّ سبب الحياة الإيمانية هو القرآن، ولهذا سماه الله عز وجل روحا ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾(الشورى:52). إذا كانت الروح بعد الشهر الرابع تُنفخ في الجنين الطيني فيصير الإنسان بهذه الروح خلْقا آخر كما قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾(المؤمنون:14)، وخلقا آخر يتأهَّل بعدُ للتكليف، ويتأهَّل لعمارة الأرض، ويتأهل للخيرات في هذه الدنيا.. إذا كان بالروح يحدث له ذلك، وينشأ خلقا آخر، فإنه بروح القرآن يُنشأ الإنسان أيضا خلْقاً آخر بالمعنى الثاني للحياة. فتلك روحٌ وهذه روحٌ، روح إذا نُفخت في الفرد صار خلقاً آخر، وصار طاقة جبّارة متحرِّرة مما سوى الله عز وجل، فلم يعد عليه لغير الله سبحانه سلطان. ومثل ذلك يحدث للأمة، إذ لا يمكن أن تتخلَّق الأمة -أي أمّة الإسلام- لتصير أمة قوية متحررة من كل سلطان إلا سلطان الله إلا بالقرآن، أي بروح القرآن، بل وتصير أمة متماسكة متساندة كما تحدث عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد…” (رواه البخاري). فللجسد خصائص الوحدة مع التنوع الداخلي، لكن مع التنوع يوجد التداخل التام والانسجام التام بين الأجهزة المكونة له. فالجسد مع التنوع له خاصية الوحدة، وكذلك الأمة مع تنوع العناصر المكونة لها خصائص الوحدة والتلاحم. وليصير المسلمون جسدا، لابد لهم من هذه الروح ولابد أن يحيوا بهذه الروح أفراداً، ويحيوا بهذه الروح أمّة.

0003.gif?fit=516%2C82&ssl=1

مشاهدة جميع مواضيع ابوجنه

رد مع اقتباس