عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022/08/27, 02:33 AM
الصورة الرمزية عادل ابوزيد
عادل ابوزيد عادل ابوزيد غير متواجد حالياً
كبير مشرفين اقسام الرسيفرات
رابطة مشجعى نادى الاهلـــــى
الاهلـــــى    
تاريخ التسجيل: 2022 Jun
المشاركات : 1,621
amalqtsat تفسير آية (وجعلنا الليل لباسا)



تفسير آية (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا) بعض أقوال المفسّرين فيما يلي ذكرٌ لبعض الأقوال في تفسير هذه الآية: قيل الليل كاللباس لإحاطة ظلمته بكلّ أحدٍ وستره لهم، ووجه النعمة في ذلك أنّ ظلمة الليل تستر الإنسان عن العيون إذا أراد هربًا من عدوٍ أو بياتًا له، أو إخفاء ما لا يحبّ الإنسان اطلاع غيره عليه.[١] وقيل الليل يغشى الناس بظلامه وسواده.[٢] وقيل جعل الله الليل والنوم يغشى الناس؛ لتنقطع حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة.[٣] المعنى اللغوي لكلمة لِبَاسًا فيما يلي تعريفٌ لمعنى لباسًا:[٤] لِباسُ كلِّ شيء: غِشاؤه، أي ما يغشاه ويغطيه. اللباس: ما يُلبس ممّا يستر الجسم، ومنه (يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم).[٥] سياق الآية قال -تعالى-: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ* كَلَّا سَيَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ* أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا* وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا* وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا* وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا).[٦] جاء قوله -تعالى-: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا)،[٧] في السورة بعد حديث الله -تعالى- عن النبأ العظيم الذي جاء إلى الناس فكذب به المكذّبون، فذكرهم الله -تعالى- بالآيات الكونية من حولهم من تمهيد الأرض وثباتها، وأنّه -سبحانه- خلقهم من ذكر وأنثى، وجعل لهم النوم راحةً، كما جعل الليل لباسًا يرتاح فيه الإنسان ويسكن. لماذا امتن الله تعالى على عباده بالليل؟ من أقوال المفسّرين في هذه الآية؛ يتبيّن جليًّا أنّ هذه الآية جاءت في سياق المنن ونعم الله التي أنعمها على عباده، ومن هذه النعم الليل؛ إذ يستمر سعي الإنسان طوال النهار، ويبقى في حركةٍ مستمرَّةٍ، ولو استمرت هذه الحركة دون سباتٍ ونومٍ ستضر بصحة الإنسان وراحته، وجاء الليل يغطي الكون وما فيه؛ فتهدأ المصانع والآلات والسيارات والإنسان وكل شيء، وتبدأ النباتات بإصلاح ما أفسده البشر؛ منتجةً الأكسجين، ومنظِّفةً للكون من ثاني أكسيد الكربون. ويأتي الليل ليخلو كل إنسان بمن يحب من عائلة وأهل، ويعتكف المؤمنون الصادقون بين يدي الله في قيام وخشوع وتلاوة للقرآن يسكن معها الكون من ضوضائه وانشغاله الدائم، وترتاح الآذان من الصخب والفوضى لينعم الجميع ببعض الهدوء. لمساتٌ بيانيَّةٌ في الآية ورد في الآية الكريمة العديد من اللمسات البيانيّة، وفيما يأتي إشارةٌ إلى بعضها: تشبيهٌ بديعٌ من بدائع البيان القرآنيّ، وهو من قبيل الاستعارة، ووجه ذلك: شبّه الله سواد الليل أو ظلامه باللباس فالمشبه هو: سواد الليل، والمشبّه به: اللباس، أمّا وجه الشبه وهو الأهمّ؛ لأنّ فيه تنكشف النكتة البلاغية: فهو الستر؛ لأنّ الليل يستر كلّ الأشياء التي يكشفها النهار، وهي دعوةٌ إلهيَّةٌ إلى ترك التقلّب والحركة والميل إلى السكن والدعة والرجوع إلى الأهل والمنزل.[٨] يخاطب الله -تعالى- المؤمنين بصيغة الجمع؛ فيقول: (وَجَعَلْنَا)، ولم يقل وجعلت وذلك للتعظيم.[٩] وردت لفظة لباسٍ في آياتٍ أخرى نذكر منها قوله -تعالى-: (وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ)،[١٠] وما أحوج الإنسان وقد اختفى عن أعين الناس في الليل، ولم يعد يراه أحدٌ أن يستشعر مراقبة الله -تعالى- له، فيتّقي من عذابه باجتناب المعاصي وفعل كلّ ما يتقرّب به إلى الله، كقيام الليل، والدعاء، والاستغفار، والمناجاة، والبكاء بين يدي العزيز الجبار سبحانه. ومن نعم الله -تعالى- على الإنسان أن جعل له الليل لباسًا؛ ليسكن فيه ويرتاح، فعلى الضدّ من الآية التالية في السورة، وهي: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، والتي تبيّن أنّ الإنسان في النهار يسعى لرزقه ومعاشه، جاءت هذه الآية لتبيّن المقصد من وجود الليل؛ وهو السكن والراحة والهدوء، حيث يغشى الليل الأرض، ويغطيها ويستر كلّ ما فيها بهدوءٍ. وبعد العديد من الآيات في هذه السورة والتي تبين لنا نعم الله -تعالى- يأتي التأكيد والتوثيق بأنّ يوم الفصل آتٍ لا محالة، فالله القادر على خلق الأرض وما بث فيها من دابةٍ، وتباين الليل والنهار فيها قادرٌ على الإتيان بيوم الفصل، وبعث الناس ليخرجوا من القبور إلى ربّهم أفواجًا، يقول -تعالى-: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا* يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجا).[١١]
   

0003.gif?fit=516%2C82&ssl=1

مشاهدة جميع مواضيع عادل ابوزيد

رد مع اقتباس