عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2025/03/19, 11:36 PM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
محمود الاسكندرانى محمود الاسكندرانى غير متواجد حالياً
مراقب الأقـسـام الإسـلامـيـة
رابطة مشجعى نادى الاهلـــــى
الاهلـــــى    
تاريخ التسجيل: 2021 Jun
المشاركات : 1,116
افتراضي أحوال الناس في رمضان




اعلموا أنه قد حل بكم شهر عظيم، وموسم كريم، إنه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، إنه شهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر العتق من النيران، فاغتنموه قبل فواته، فإن السعيد من أغتنم أوقاته، وتاب من سيئاته، وأكثر من حسناته، والشقي من حُرم الخير، من حرمه الله هذه المواسم العظيمة فإنه هو المحروم، ليس المحروم من فاتته الدنيا، ولكن المحروم في الحقيقة من فاتته الآخرة، فاغتنموا رحمكم الله هذه الشهر، وعرفوا قدره، وقدروا له قيمته، واحترموه واشغلوا أوقاته بالطاعات والقربات فإن الفرص لا تدوم، ولا يبقى إلا الحي القيوم، فأنتم لستم تبقون ولا الشهر والأيام تبقى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ).
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
إن الناس يختلفون في هذا الشهر اختلفا كثيرا فمنهم من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر لتنويع المأكل والمشارب والمطاعم فيملئ بطنه من الطعام والشراب ويكسل عن طاعة الله سبحانه وتعالى، وربما ضيع الفرائض فكيف بالنوافل، ومن الناس من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر السهر بالليل على اللهو والغفلة والإعراض والقيل والقال، وينام في النهار ولا يؤدي الصلوات المفروضة في أوقاتها ومع الجماعة، ومن الناس من لا يعرف لهذا الشهر إلا أنه شهر المسلسلات والتمثيليات والمضحكات والمسابقات، مسابقات القمار التي يعد لها أعداء الله ورسوله وأعداء المسلمين، إن أعداءكم قد تنبهوا للإضرار بكم، يعلمون أن هذا الشهر فرصتكم عند الله ويضيعونه عليكم بمثل هذه الترهات وهذه الغفلات فحذروا من ذلك، وجنبوا أولادكم هذه البرامج الساقطة التافهة المغفلة عن ذكر الله عز وجل التي تخسر أوقاتكم، وتضيع صلواتكم، أين قيمة هذا الشهر يا عباد الله؟ من هذه الأصناف، وقليل من الناس من يوفقه الله سبحانه وتعالى لهذا الشهر: (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) لكنهم الموافقون، وهم السابقون، وهم الفائزون، وهم الرابحون، وإن كانوا قليل فواحد كالآلف إن أمر عنا.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
فتقوا الله، عباد الله، اغتنموا شهركم، وحفظوا أوقاتكم، وتجنبوا ما يضركم فإن الفرص لا تدوم، والأيام تنتهي، والمواسم تنقضي، حاسبوا أنفسكم مع هذا الشهر ومع غيره، فإنه ليس للإنسان من هذه الدنيا إلا ما قدمه لآخرته من صالح الأعمال، وإلا فالدنيا تزول، والإنسان يموت، والساعات تفوت، ولا يبقى إلا ما قدمه الإنسان لنفسه من خير أو شر، ليس للإنسان من هذه الدنيا إلا عمره الذي يعيشه فانظروا بماذا تفنوا أعماركم؟ وماذا تقضون ليلكم ونهاركم: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ).

فتقوا الله، عباد الله، أشكروا الله على أن بلغكم هذا الشهر، وسألوه أن يتمه عليكم بخير، وسألوه أن يعينكم فيه على ما يرضيه، أحذروا من التفريط والغفلة والضياع ولا تتبعوا من يصدوكم عن سبيل الله وعن طريق الصلاح والفلاح، فإن الذين يصدون عن سبيل الله كثير وكثير، ووسائل الشر تنوعت في هذا العصر وصارت تصل إلى قعر البيوت وإلى الناس في فرشهم وعلى مناماتهم.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
فتقوا الله، عباد الله، كان في الزمان الأول لا يتأثر بالفتنة إلا من حضرها وذهب إليها، والآن الفتن تأتي إليكم، وأنتم في بيوتكم، وعلى فرشكم.
فتقوا الله، عباد الله، فإن الخطر عظيم، ولكن الله جعل سبب النجاة جعله في أيديكم، وهذا الشهر العظيم هو من أسباب النجاة لمن وقفه الله، هذا الشهر العظيم يهلُّ على المسلمين وهم مختلفون: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) هم مختلفون في سعيهم، فمنهم المحسن في سائر سنته ويكون هذا الشهر زيادة له من الخير، ومنهم المفرط فيتنبه في هذا الشهر ويستدرك ما فاته وما نقص من عمله فيستردك ويتوب فيتوب الله عليه، ومنهم الأبق الشارد عن ربه فيرجع إلى الله ويتوب إلى الله كان قد استجوب النار فيعتقه الله من النار في هذا الشهر إذ رجع إلى الله، وتاب إليه، إن هذا الشهر يربي الناس على فعل الخير، يوقظ الناس من الغفلة، إن هذا الشهر فرصة عظيمة منحها الله لكم فاغتنموه وفقكم الله، كم من يتمنَّ بلوغ هذا الشهر اختاره الموت ولم يدركه، وكم من أدرك ولم يكمله، وكم من كمله ولم يستفد منه، فتعبروا يا أولي الأبصار، فكروا لأنفسكم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ*وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ*لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ*لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان


   

التوقيع

0003.gif?fit=516%2C82&ssl=1

مشاهدة جميع مواضيع محمود الاسكندرانى

رد مع اقتباس