حديث: المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده...
68- عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجَر ما نهى الله عنه))؛ متفق عليه.
شرح الحديث:
قال الحافظ ابن حجر: (المسلم)، قيل: الأ*لف واللا*م فيه للكمال؛ نحو: زيد الرجل؛ أي: الكامل في الرجولية.
وتعقب بأنه يَستلزم أن من اتَّصف بهذا خاصة، كان كاملاً، ويُجاب بأن المراد بذلك مراعاة باقي الأ*ركان.
قال الخطابي: المراد أفضل المسلمين مَن جمع إلى أداء حقوق الله - تعالى - أداءَ حقوق المسلمين؛ انتهى.
ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يُبين علا*مة المسلم التي يُستدل بها على إسلا*مه، وهي سلا*مة المسلمين من لسانه ويده.
(تنبيه): ذكر المسلمين هنا خرَج مخرج الغالب؛ لأ*ن محافظة المسلم على كف الأ*ذى عن أخيه المسلم أشد تأكيدًا؛ ولأ*ن الكفار بصدد أن يُقاتلوا، وإن كان فيهم من يحب الكف عنه، والإتيان بجمع التذكير للتغليب، فإن المسلمات يدخلنَ في ذلك، وخصَّ اللسان بالذكر؛ لأ*نه المعبر عما في النفس، وهكذا اليد؛ لأ*ن أكثر الأ*فعال بها، وفي التعبير باللسان دون القول نُكتة، فيدخل فيه مَن أخرج لسانه على سبيل الاستهزاء.
وفي ذكر اليد دون غيرها من الجوارح نُكتة، فيدخل فيها اليد المعنوية كالا*ستيلا*ء على حق الغير بغير حقٍّ.
والهجرة ضربان: ظاهرة وباطنة؛ فالباطنة: ترْك ما تدعو إليه النفس الأمَّارة بالسوء والشيطان، والظاهرة: الفرار بالدين من الفتن، وحقيقة الهجرة تحصل لمن هجَر ما نهى الله عنه، فاشتَملت هاتان الجملتان على جوامع مِن معاني الحِكَم والأ*حكام.
والمراد بالناس هنا: المسلمون؛ كما في الحديث الموصول، فهم الناس حقيقة عند الإ*طلا*ق؛ لأ*ن الإ*طلا*ق يُحمل على الكامل، ولا* كمال في غير المسلمين.
ويمكن حمله على عمومه على إرادة شرط، وهو إلا* بحقٍّ، مع أن إرادة هذا الشرط مُتعينة على كل حال؛ لما قدَّمته من استثناء إقامة الحدود على المسلم، والله - سبحانه وتعالى - أعلم؛ [عمدة القاري].
الألوكة
...............