كيف ظهرت أسطورة الشاي الياباني في بلاد الساموراي؟

[zoro1]

كيف ظهرت أسطورة الشاي الياباني في بلاد الساموراي؟

كيف ظهرت أسطورة الشاي الياباني في بلاد الساموراي؟| صور

كيف ظهرت أسطورة الشاي الياباني في بلاد الساموراي؟| صور
طقوس تقديم الشاى الياباني
محمود سعد دياب
بدأت كدعوة إلى السلام، وإنهاء فترة الحرب الأهلية في جزر اليابان، لكنها لم تلبث إلا أن تحولت إلى لعنة على صاحب الدعوة إليها، إنه تقليد تقديم الشاي الأخضر على الطريقة اليابانية، والتي أسسها المُعلم سن نو ريكيو الذي عاش في الفترة من ١٥٢٢ : ١٥٩١م، فقد دعا أمراء الحرب إلى نيسان الخلافات وقضاء فترة هدنة مع احتساء أكواب الشاي، لكن لم يلبث أحدهم أن أجبره في النهاية على الانتحار لكي يُنهي ذلك النبيل حياته، وهو يحلم بأن يحل السلام ربوع بلاده.



لكن أولاد ريكيو الثلاثة رفضوا الاستسلام، وواصلوا مسيرة أبيهم وأسس كل منهم مدرسة مختلفة لتقديم الشاي والدعوة إلى السلام، وهي المدارس الثلاث التي استمرت حتى الآن لكي تصبح تقليدًا سار عليه جميع اليابانيون، من الصغر لإكساب المواطن فضيلة التواضع والأدب واحترام الكبير والعطف على المستضعفين، لدرجة أنه أصبح من أساسيات الزواج الناجح أن تتقن الفتاة كيفية إعداد الشاي وآداب تقديمه، فهي بذلك تكون قد تعلمت فنون الإتيكيت حتى لو كانت في مجتمع فقير حالته الاجتماعية متدنية.

طارق سيد محمد، شاب مصري سافر إلى اليابان منتصف ثمانينات القرن الماضي، وعاد إلى مصر لكي يؤسس فرع لإحدى المدارس الثلاثة سالفة الذكر، وهي جمعية مدرسة أوراسينكيه، حيث يقول ل "بوابة الأهرام" إن المعلم الأول سن نو ريكيو كان مستاء من فكرة الحروب المستمرة بين فصائل بني وطنه في القرن السادس عشر، فقرر أن يطلق مبادرة ويدعو أمراء الحرب المتصارعين إلى منزله، واستبدال الأسلحة بالمروحة الصغيرة المعتاد أن تحملها سيدات الطبقة الراقية في مجتمعاتنا العربية، وفوق كل مروحة يكون مكتوب حكمة أو بيت شعر يعبر عما بمكنون صدر حامل المروحة لتجديد العلاقة بينه وبين المشاركين معه خلال اللقاء، مضيفا أن الحديث لابد أن يخلو من أية مشاحنات بل لا بد أن يتضمن موضوعات عامة عن الخير والحب والإخاء.

ويضيف طارق سيد محمد، أن ذلك التقليد يشبه في مجتمعاتنا "قعدة العرب"، حيث يجلس المختلفون والخصوم لتصفية المشاكل مع تناول أكواب الشاي وأحيانا تناول الطعام الشهي، مضيفا أن تلك المبادرة الوطنية وقتها حقنت دماء الأبرياء وأوقفت الحرب، ووفرت فرصة للتقارب والانسجام والاحترام والسلام.

ويوضح قائلا:"إن أسلوب وطريقة تقديم الشاي الياباني بالغرف المغلقة المعروف باسم (شادو chado) أو طريق الشاي، قد تبدو للوهلة الأولى على أنها مجرد طقوس يتم القيام بها، إلا إنها تَعكس وتُلخص الثقافة اليابانية، التي يكمن في طياتها وجذورها الشعور بالاحترام تجاه الآخر والتعاطف معه. وأكد أن أدوات الشاي لا بد وأن تكون من الطبيعة مثل الإناء الحديدي المصنوع بطريقة معينة تحافظ على نقاء الشاي، والخشب المستخدم في الملعقة والمنضدة، والخزف في الأواني، لكن من الممنوع استخدام البلاستيك والمواد المصنعة،كما يجب على الضيوف خلع جميع الحلي والإكسسوارات خلال اللقاء".

ويؤكد أنه في اليابان عندما تقدم الدعوة للقاء احتساء الشاي، يتوقع المدعوون الاستمتاع بصحبة بعضهم بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية، وأن وقتها لا بد أن يكون المضيف قد نظف الغرفة وعلق الزينات وأوقد النار لتسخين الماء، فضلا عن إعداد وجبة خفيفة عبارة عن حلويات "الماتشا اليابانية"، رغبة في جعل اللقاء ممتعا قدر المستطاع.

وأشار إلى أن ثقافة الشاي أثرت على جميع جوانب المجتمع الياباني، حيث تسللت "الماتشا" لجميع أنواع الحلويات حتى الغربية منها، كما توظف قصص "المانجا" معتقدات طقوس الشاي، لدرجة أن الناس قديما كانوا يعتقدون أن احتساء كوب شاي في الصباح يُجنب الشخص الحظ السيء ويجلب له السعادة خلال اليوم، وحتى الآن يدخل الشاي في بعض المأكولات مثل طبق الأرز المُزين بشرائح الأعشاب البحرية المجففة وبعض المخللات، أو الأرز المُزين بشرائح السلمون المملح.

فيما تقول نائبة رئيس الجمعية غادة عبد المنعم مصطفى، إن قواعد إعداد الشاي في اليابان واحتسائه، تعود للقرن الثالث عشر عندما حمل مسحوق الشاي الأخضر مجموعة من رهبان طائفة "زن" عند عودتهم من الصين بعد انتهاء بعثتهم الدراسية، وكان هؤلاء الرهبان يستخدمونه كمنبه يساعدهم على الدراسة والتأمل كما كانوا يعتبرونه أعشابا طبية لها قيمتها.

وتضيف أن المعلم سن نو ريكيو كان أول من وضع قواعد الـ "شادو" بوصفه عمل فني، حيث كان رائدا في السياسة والفنون، وأنه أوجز تلك المبادئ في أربع خصائص، هي الانسجام بين الناس، وانسجام الناس مع الطبيعة، وانسجام أدوات الشاي مع طريقة تقديمه، والثانية هي الاحترام لجميع الأشياء النابع من مشاعر صادقة بالامتنان لوجود الإنسان ذاته، والثالثة هي الطهارة التي تنطوي على النقاء الروحي والنظافة المادية، والرابعة هي السكينة أو سلام النفس الذي يتحقق بتحقيق المبادئ الثلاثة الأولى.

وتشير غادة عبد المنعم، إلى أن مدينة كيوتو الاي عاش فيها سن نو ريكيو، لا تزال غنية بتراثها رغم مرور أكثر من خمسمائة عام، حيث توجد ممتلكات فرعين من أسرته على بعد ١٥ دقيقة من القصر الامبراطوري، إحداها مسكن سن سوشيتسو، الذي يمثل الجيل الخامس عشر لسلالة المعلم سن ريكيو، والأستاذ الأكبر الحالي للشاي بمدرسة أوراسنكيه.

وتضيف أن دار أوراسينكيه تتكون من قاعات عديدة للشاي، خصصت الحكومة اليابانية معظمها لنشاطات ثقافية هامة، تسمى إحداها "konnichian"، وهي قاعة صغيرة تقدم مراسم الشاي بناها الحفيد سن سوتان، فضلا عن قاعات أخرى لا تزال روح المعلم الأول فيها حية.

جدير بالذكر أنه في العام الحالي المسمى في اليابان "هاتسوجاما"، استضاف السفير الياباني بالقاهرة أوكا هيروشي بحديقة منزله، قدم خلاله طارق سيد الشاي الأخضر على الطريقة اليابانية ومعه فريق عمل كبير. حيث تمت إقامة الحفل في الهواء الطلق، أو ما يسمى "Nodate"، نظرًا لظروف تفشي فيروس كورونا.

[م / مدحــت الـكـيـنـج]

شكراً اخى الكريم

[مركز مريم]

موضوع رائع جداً

[حسين ابوعاصى]

اليابانين شعب جميل منظم مهذب يقدس العمل

[guvera]

بارك الله فيك