السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله الأمين المأمون المبعوث بالحق والكتاب المبين الحمد لله أن أتم علينا نعمته
بلقاء جديد لنهتدي بهدي القرآن ونتدبر آياته الكريمه فمن رزق القرآن في قلبه وانتفع وعمل بماجاء فيه فقد أغناه القرآن عن كل شيء
نسأل الله لنا ولكم
أن يباركنا بعلم القرآن وتدبر آيات القرآن وحكمة القرآن وهدي القرآن وشفاء القرآن
سنتدبر اليوم إن شاء الله
سورة الملك ...
سورة الملك هي سورة من سور القرآن الكريم، و هي سورة مكية أي أنها نزلت على رسول الله و هو في مكة قبل الهجرة، و قد ناقشت سورة الملك امور العقيدة الدينية في الاسلام و بينت وحدانية الله عز و جل، و تحدثت عن عذاب النار، و سوف نسشرح سبب نزول سورة الملك، و فضل هذه السورة من القرآن الكريم.
سبب نزول سورة الملك
سورة الملك سورة مكية، و عدد آياتها ثلاثون آية، و قد نزلت على رسول الله بعد سورة الطور، و ترتيبها في المصحف في الجزء التاسع و العشرين، و يذكر ان سبب نزول هذه السورة هو ان المشركين كانوا يتحدثون فيما بينهم بالسوء عن رسول الله، و ذكر ذلك ابن عباس، و ذكر ايضا انها نزلت كي توضح لهم عذاب الله الذي سينالونه في الآخرة، حيث وجه الله لهم قوله في الآية الثالثة عشر في نفس السورة: ” وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ”، أي أيها المشركون سواء تحدثتم بينكم سرا أو علنا فالله يسمع ما تقولون و يعلم ما في نفوسكم تجاه رسول الله صل الله عليه و سلم.
سبب تسمية سورة الملك بهذا الاسم ..
سميت سورة الملك بهذا الاسم لانها تحدثنا عن ملك الله في الكون، و خلقه له، و تسمى سورة الملك أحيانا بانها المنجية و احيانا الواقية
فضل سورة الملك
لسورة الملك فضل كبير في الوقاية من النار، و لذلك يقال عنها انها المنجية أي التي تنجي من عذاب النار، و كذلك الواقية التي تقي من عذاب النار، و قد روي عن ابن عباس أنه قال: “ضرب بعض أصحاب النبي خباءه على قبر، و هو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها، فأتى هذا الرجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إنى ضربت خبائي على قبر، و أنا لا أحسب أنه قبر فإذا فيها إنسان يقرأ سورة تبارك ( الملك ) حتى ختمها فقال رسول الله صل الله عليه وسلم هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب القبر .
نبذة عن سورة الملك و آياتها
بدأت سورة الملك بقول الله تعالى: ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، و سورة الملك هنا مثلها مثل كل السور المكية التي يجمع بينهم أنهم يناقشون امور العقيدة في الاسلام، و سورة الملك تناقش ذلك و تؤكد على وحدانية الله،
و في الآية ييذكرنا الله بانه يملك كل شيء، و قادر على أن يقول للشيء كن فيكون، ثم توضح لنا السورة معجزات الله ف الكون و كيف أنه خلق السماوات و الارض و النجوم و الكواكب، و سخر لنا نعمة البصر لنرى كل ذلك، و يقول سبحانه و تعالى: ” مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ”، فخلق الله ليس به عيب أو نقصان.
ثم تنتقل السورة بعد ذلك لوصف الكافرين و المشركين بالله، و وصف عذابهم، و كيف أن الله أرسل لهم الرسل و لكنهم كذبوهم، ثم يصف الله سبحانه و تعالى عذابهم في نار جهنم، فيقول الله تعالى: ” و َقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ
ثم وصف الله تعالى بعد ذلك المؤمنين المصدقين برسول الله الذين يخافون الله و يخشونه سرا
و علانية، فيقول عنهم الله سبحانه وتعالى:
” إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ”....
عدد أسماء سورة الملك
فقد ذكر أهل العلم لهذه السورة
العظيمة ثمانية أسماء في كتب
التفسير والسنة وعلوم القرآن
وهي:
1- "تبارك الذي بيده الملك" أخذاً من حديث رواه الترمذي
أن النبي صل الله عليه وسلم قال: سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له
2- وهي: تبارك الذي بيده الملك.
"الملك" وهو الاسم الشائع في كتب التفسير والسنة والمصاحف، وبه عنونها البخاري في كتاب التفسير وكذلك الترمذي .
3
"المانعة" لما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود: كنا نسميها على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم: المانعة.
4-
"تبارك الملك" لما رواه الترمذي أن رجلا من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم قال:
ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان (دفين) يقرأ سورة تبارك الملك حتى ختمها
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر.
5-
"المنجية" عن أنس أن النبي صل الله عليه وسلم سماها المنجية، كما في حديث الترمذي.
6-
"الواقية": كما في الإتقان للسيوطي.
7-
المانعة: كما في حديث الترمذي المشار إليه سابقا.
8-
المنّاعة: وتسمى المناعة كما في الإتقان بصيغة المبالغة.
وذكر الفخر الرازي في تفسيره أن ابن عباس كان يسميها المجادِلة، قال: لأنها تجادل عن قارئها عند سؤال الملكين، هذا ما اطلعنا عليه من أسمائها.
ولعل لها أسماء أخرى لم نقف عليها... وهي مكية باتفاق الجميع، كما قال ابن عطية والقرطبي.
إن تدبر هذه السورة التي جاءت لتقرير عظمة ملك الله وسعة ملكوته يخرج القارئ منها بفائدتين :
الأولى : الإيمان بالله سبحانه ؛ فقد دلت الدلائل على عظمته ، وسعة ملكه ، وعزته ، ورحمته فهو ربنا لا رب لنا سواه سبحانه هو الرحمن الرحيم .
الثانية : التوكل عليه وتفويض الأمر له ، فمن آمن بالله ، وفوض أمره إليه ، وجعل معتمده عليه ، ووثق بعطائه وأخذ بأسباب رزقه ونصره ؛ أخذ بيده ونصره ورزقه .
( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين )[4] [ الملك :29 ] .
وتختم السورة بنحو مما بدأت به : من أن الخير في يديه سبحانه ، فلو غارت المياه وأجدبت الأرض فلا يأتي بالماء المعين إلا من بيده الملك وهو على كل شيء قدير . ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين ) فلا ينال بالفؤوس الحداد ، ولا بالسواعد الشداد ، فلا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل [5].
هذه سورة الملك ، وهذه معالم وخصائص الملك الحقيقي التي إذا قرأ ها القارئ خرج وقد عرف ربه بأنه الذي بيده الملك الحقيقي ، وهو على كل شيء قدير .
والحمد لله أولاً و آخراً ، وظاهراً وباطناً ....
الدروس المستفادة من سورة الملك
وهذه السورة الأولى - سورة تبارك - تعالج إنشاء تصور جديد للوجود وعلاقاته بخالق الوجود . تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود ، إلى عوالم في السماوات ، وإلى حياة في الآخرة وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض كالجن والطير، وفي العالم الآخر كجهنم وخزنتها . وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم ، فلا تستغرق في الحياة الحاضرة الظاهرة ، في هذه الأرض . كما أنها تثير في حسهم التأمل فيما بين أيديهم وفي واقع حياتهم وذواتهم مما يمرون به غافلين .
وهي تهز في النفوس جميع الصور والإنطباعات والرواسب الجامدة الهامدة المتخلفة من تصور الجاهلية وركودها ؛ وتفتح المنافذ هنا وهناك ، وتنفض الغبار وتطلق الحواس والعقل والبصيرة ترتاد آفاق الكون ، وأغوار النفس ، وطباق الجو ، ومسارب الماء ، وخفايا الغيوب، فترى هناك يد الله المبدعة ، وتحس حركة الوجود المنبعثة من قدرة الله . وتؤوب من الرحلة وقد شعرت أن الأمر أكبر ، وأن المجال أوسع . وتحولت من الأرض - على سعتها - إلى السماء . ومن الظواهر إلى الحقائق . ومن الجمود إلى الحركة . مع حركة القدر، وحركة الحياة ، وحركة الأحياء .
الموت والحياة أمران مألوفان مكرران . ولكن السورة تبعث حركة التأمل فيما وراء الموت والحياة من قدر الله وبلائه ، ومن حكمة الله وتدبيرهالذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، وهو العزيز الغفور).
والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته ، ولا تلتفت لما فيه من كمال . ولكن السورة تبعث حركة التأمل والإستغراق في هذا الجمال والكمال وما وراءها من حركة وأهداف: (الذي خلق سبع سماوات طباقا . ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير . . ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) ...
والحياة الدنيا تبدو في الجاهلية غاية الوجود ، ونهاية المطاف . ولكن السورة تكشف الستار عن عالم آخر هو حاضر للشياطين وللكافرين . وهو خلق آخر حافل بالحركة والتوفز والإنتظار: (وأعتدنا لهم عذاب السعير . وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير . إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور . تكاد تميز من الغيظ . كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها:ألم يأتكم نذير ? قالوا:بلى ! قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا:ما نزل الله من شيء ; إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا:لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) ! .
والنفوس في الجاهلية لا تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه ، ولا تلقي بالا إلى الغيب وما يحتويه . وهي مستغرقة في الحياة الدنيا محبوسة في قفص الأرض الثابتة المستقرة . فالسورة تشد قلوبهم وأنظارهم إلى الغيب وإلى السماء وإلى القدرة التي لم ترها عين ، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحين تشاء؛ وتهز في حسهم هذه الأرض الثابتة التي يطمئنون إليها ويستغرقون فيها (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير . وأسروا قولكم أو أجهروا به ، إنه عليم بذات الصدور . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور . أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور؟ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا؟ فستعلمون كيف نذير). .
والطير . إنه خلق يرونه كثيرا ولا يتدبرون معجزته إلا قليلا . ولكن السورة تمسك بأبصارهم لتنظر وبقلوبهم لتتدبر ، وترى قدرة الله الذي صور وقدرأولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ؟ ما يمسكهن إلا الرحمن ، إنه بكل شيء بصير).
وهم آمنون في دارهم ، مطمئنون إلى مكانهم، طمأنينة الغافل عن قدرة الله وقدره ولكن السورة تهزهم من هذا السبات النفسي ، بعد أن هزت الأرض من تحتهم وأثارت الجو من حولهم، تهزهم على قهر الله وجبروته الذي لا يحسبون حسابهأم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ؟ إن الكافرون إلا في غرور).
والرزق الذي تناله أيديهم ، إنه في حسهم قريب الأسباب ، وهي بينهم تنافس وغلاب . ولكن السورة تمد أبصارهم بعيدا هنالك في السماء ، ووراء الأسباب المعلومة لهم كما يظنون: ( أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ؟ بل لجوا في عتو ونفور). .
وهم سادرون في غيهم يحسبون أنهم مهتدون وهم ضالون . فالسورة ترسم لهم حقيقة حالهم وحال المهتدين حقا ، في صورة متحركة موحيةأفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى؟ أم من يمشي سويا على صراط مستقيم؟).
وهم لا ينتفعون بما رزقهم الله في ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك ؛ ولا يتجاوزون ما تراه حواسهم إلى التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب . فالسورة تذكرهم بنعمة الله فيما وهبهم ، وتوجههم إلى استخدام هذه الهبة في تنور المستقبل المغيب وراء الحاضر الظاهر ، وتدبر الغاية من هذه البداية : (هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة , قليلا ما تشكرون . قل:هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون) . .
وهم يكذبون بالبعث والحشر ، ويسألون عن موعده . فالسورة تصوره لهم واقعا مفاجئا قريبا يسوؤهم أن يكون ويقولون: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قل إنما العلم عند الله، وإنما أنا نذير مبين . فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ، وقيل:هذا الذي كنتم به تدعون !). .
وهم يتربصون بالنبي ( صل الله عليه وسلم) ومن معه أن يهلكوا فيستريحوا من هذا الصوت الذي يقض عليهم مضجعهم بالتذكير والتحذير والإيقاظ من راحة الجمود ! فالسورة تذكرهم بأن هلاك الحفنة المؤمنة أو بقاءها لا يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب ، فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم وحالهم قبل ذلك اليوم العصيب (قل:أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ؟ قل:هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين).
وتنذرهم السورة في ختامها بتوقع ذهاب الماء الذي به يعيشون، والذي يجريه هو الله الذي به يكفرون !(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين؟). .
وبالجملة فإنها حركة . حركة في الحواس ، وفي الحس ، وفي التفكير، وفي الشعور .
هذا ونسأل الله لنا ولكم أن يتقبل منا صالح الأعمال والمداهمة على تدبر آياته الكريمة ..
وإلى لقاء آخر في رحاب سورة وآية كريمة ...
ونسألكم الدعاء بظهر الغيب
ولكم بالمثل إن شاء الله ...
طبتم وطابت حياتكم بالخير
ونسأل الله جل في علاه أن يجمعنا وإياكم بالحبيب العدنان سيد الأنام
وآله وأصحابه الميامين الكرام الأطهار وأن يبلغنا شفاعته
وفوق ذلك الجزاء الأعظم
رؤية وجه المولى جل في علاه
والنظر إلى وجهه الكريم
رضاك والجنة يا الله
قولوا آمين ....