حدد درجتك
_________
قال صل الله عليه وسلم
{من أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده}
1_ليست الجنة درجة واحدة وبالتالي ليس الثمن المدفوع فيها واحدا فمشتري أدنى درجة في الجنة ليس كشاري أعلى الدرجات وأعلى درجة هناك تستوجب أعلى بذل هنا وقمة الأجر لديه تتطلب أسرع السير إليه فأين بلغت في الجنة حتى الآن أخي الخاطب
وقد سبق وأن أشار النبي صل الله عليه وسلم إلى عدد درجات الجنة ليُشعل نار التنافس بين المؤمنين أيهم يحوز أعلاها
فقال صل الله عليه وسلم
{الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض }
2_بل ونقل صورة تفصيلية ومشاهدة حقيقية لما رآه أهل الجنة بعد أن استقر لهم في الخلد المقام فرأوا الدرجات الأعلى والمكانة الأرقى لمن سبقهم في دنياه فكوفئ في الجنة منتهاه
قال صل الله عليه وسلم
{إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم}
3_لكن التمايز في الجنة ليس في الدرجات وحدها بل في كل شي ونأخذ مثلا لذلك
الشراب
فارق كبير بين المقربين وهم السابقين وبين الأبرار أو أصحاب اليمين وهم المقتصدين فالمقربون يشربون بعيون الجنة صرفا محضا لا يخالطه شيء كما
قال تعالى في سورة المطففين في شراب الأبرار
{وَمِزَاجُهُ ۥ مِن تَسۡنِيمٍ * عَيۡنً۬ا يَشۡرَبُ بِہَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ } {المطففين : 27-28 }
وقال يشرب بها المقربون ولم يقل منها إشعارا بأن شربهم بالعين نفسها خالصة لا بها وبغيرها وعين التسنيم أعلى أشربة الجنة
يشرب بها المقربون صرفا وتُمزج لأصحاب اليمين مزجا جزاء وفاقا
قال ابن القيم
{وهذا لأن الجزاء وفاق العمل فكما خلصت أعمال المقربين كلها لله خلص شرابهم وكما مزج الأبرار الطاعات بالمباحات مُزِجَ لهم شرابهم فمن أخلص أُخلِص شرابه ومن مزج مُزِج شرابه}
4_لكن كيف نترجم هذا التنافس واقعا ملموسا كانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه فيقال لها في ذلك فتقول
{إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد}
5_تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته تبغي بذلك درجة أعلى في الجنة ومكافأة أكبر هناك فأشق الصدقات هو أن تنفق مما تحب وأشق الصلوات ما كان في جوف الليل بعد نوم وفي خلوة وأشق الأعمال عموما ما انعدم فيه حظ النفس ورؤية الخلق، ولن يُعدم عاشق حيلة يصل بها إلى الحبيبة.
اسم بهمتك نحو الجنة ثم استعد لتحمل الآلام والمشاق في سبيلها ويشهد لك بذلك الإمام ابن القيّم
{كلما كانت النفوس أشرف والهمة أعلى كان تعب البدن أوفر وحظه من الراحة أقل}
(1) حسن
رواه الدارقطني عن أنس وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة وسمرةكما في صحيح الجامع رقم : 6006
(2) صحيح
رواهابن مردويه عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم : 3120
(3)صحيح
رواه الشيخان وأحمد عن أبي سعيد والترمذي عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم:2027، والغابر هو الذي تدلَّى للغروب وبعد عن العيون. قال الزمخشري : «والترائي : تفاعل من الرؤية ، يُقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا ، وتراءى لي الشيء ظهر لي حتى رأيته ، وتراءى القوم الهلال إذا رأوه بأجمعهم».
(4) طريق الهجرتين ص301
(5) صفة الصفوة 4/46
(6) مفتاح دار السعادة 2/15