صح المسح على الجوربين عن الصحابة.
قال ابن المنذر: " رُوِيَ إِبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُودِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَبِلَالٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ".
انتهى من "الأوسط 1/462
قال ابن القيم: " وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ: أبو أمامه، وعمرو بن حريث، وعمر، وابن عَبَّاسٍ، فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة عَشَر صَحَابِيًّا.
وَالْعُمْدَة فِي الْجَوَاز عَلَى هَؤُلَاءِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ
يجوزُ المسحُ على الجَوربينِ في الجملة،
وهو مذهب الشَّافعيَّة، والحنابلة، والظَّاهريَّة، وبه قال أبو يوسفَ، ومحمَّد بن الحسن، ورُوي رجوعُ أبي حنيفة إليه في مرَضِه، وبه قال بعضُ السَّلف، واختاره ابنُ باز، وابنُ عثيمين رحمهما الله.
الدليلُ مِن الآثار:
عمَلُ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، وحكَى فيه إجماعَهم: ابنُ حزم،
وابن قُدامة.
يُشترط للمسح على الخفَّيْن أو الجوارب أربعة شروط :
الشرط الأول : أنْ يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قوله ﷺ للمغيرة بن شعبة : (دعْهما فإنِّي أدخَلتُهما طاهرتَيْن) .
البخاري206
الشرط الثاني : أنْ يكون الخُفَّان أو الجوارب طاهرةً فإنْ كانت نجسةً فإنَّه لا يجوز المسح عليها ،
ودليل ذلك من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :بينَما رسولُ اللَّهِ ﷺيصلِّي بأصحابِهِ إذ خلعَ نعليهِ فوضعَهُما عن يسارِهِ فلمَّا رأى ذلِكَ القومُ ألقوا نعالَهُم فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِﷺصلاتَهُ قالَ ما حملَكُم علَى إلقاءِ نعالِكُم قالوا رأيناكَ ألقيتَ نعليكَ فألقينا نعالَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ جبريلَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أتاني فأخبرَني أنَّ فيهِما قذرًا
صحيح أبي داود650
وهذا يدل على أنَّه لا تَجوز الصلاة فيما فيه نَجاسة ولأنَّ النَّجس إذا مُسِح عليه تلوَّثَ الماسحُ بالنَّجاسةِ فلا يصِحُّ أنْ يكونَ مطهراً .
الشرط الثالث : أنْ يكون مسحهما في الحَدَث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغُسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال :
كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يأمرُنا إذا كنَّا سفرًا أن لا نَنزِعَ خِفافَنا ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهِنَّ إلَّا مِن جنابةٍ ، ولَكن من غائطٍ وبَولٍ ونَومٍ .
صحيح الترمذي96
فيُشترَطُ أنْ يكون المسح في الحَدَث الأصغر ولا يجوز في الحَدَث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .
الشرط الرابع : أنْ يكون المسح في الوقت المحدَّد شرعاً وهو يومٌ وليلةٌ للمُقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر
لحديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جَعَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ ثَلاثَةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ لِلْمُسافِرِ، ويَوْمًا ولَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. ،
مسلم276
يعني في المسح على الخُفَّين .،
وهذه المدة تبتدئ مِن أول مرَّة مَسَح بعد الحَدَث وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنسبة للمُقيم واثنتين وسبعين ساعةً بالنسبة للمُسافر ،
ابن عثيمين رحمه الله.
وهناك شرط آخر وهو أن يكونا صفيقين، لا ترى بشرة القدم من تحتهما، وهذا قول عامة الفقهاء.
واختار جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض المعاصرين جواز المسح على الجوربين وإن كانت بشرة القدم ترى من ورائهما،
ما دام يصدق عليهما مسمى الجوربين، ولأن الرخصة مبناها على التيسير. وهو الأشبه بمقاصد الشريعة.
كيفية المسح :
هي أن يمسح على ظهر الخفين أو الجوربين مسحاً خفيفاً، ولا يمسح على باطنهما مما يلي الأرض.
لما روى أبو داود وغيره أن علياً رضي الله عنه قال:لو كانَ الدِّينُ بالرَّأيِ لَكانَ أسفَلُ الخفِّ أولى بالمسحِ مِن أعلاهُ،
وقد رأيتُ رسولَ اللَّهِ ﷺَ يمسَحُ على ظاهرِ خُفَّيهِ
صحيح أبي داود162
ويكفي أن يمسح ظاهر قدمه اليمنى بيده اليمنى، وظاهر قدمه اليسرى بيده اليسرى مرة واحدة.
قال العلامة العثيمين رحمه الله
كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط،
يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط،
ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى،
واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة،
كما تُمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: فمسح عليهما. ولم يقل بدأ باليمنى بل قال: مسح عليهما. فظاهر السنة هو هذا، نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى،،
وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يُجزئ .
لكن كلامنا هذا في الأفضل.انتهى.
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب المسح على الخفين.